كل الهواء الذي لا احتمل خفته
أن نمد الأيادي نحو الأبواب
ونطرقها حتى تسقط الأيادي
لا منادي من خلف الباب
ولا من سائِلٍ، من هناك؟
أن نطوف في الممرات
نهيمُ كأن لا أقدام لنا
نطفو على غيمة
و مراسينا الأفكار الثقيلة
في مبناي المنزوي صوت صراخ
تُسمع أفكاري فيه من الدور الرابع
في طريقي الى الغرفة، أطفو ببطء
في ممر مظلم لا يلحظني ضوئه
أن أصبح لا شيء في هذا الوجود، أختفي كأنني لم أكن شيئًا قط
كغرباء في زاوية مقهى، يتحاشون النظر
وحينما تلتقي عيناهما، يبتسم هو متأخرًا بعد أن أشاحت النظر
رغم عيناك الواسعة
كان ما يصل دائمًا بعد فوات الآوان
أسمع صوت قطرات المياه تتسرب من سقفي
أحاول التذكر بالتنفس مع كل قطرة
أن أُبعد فكرة القفز من النافذة
يا ترى هل ستسقطني أفكاري للأسفل
أم ستحملني خفتي لأطير للأعلى
أنفث تلك اللحظات الجميلة نحو سقف غرفتي الرمادي
وأصلي بأن لا نتشارك الطريق صدفة
لن يسعنا مصعد، أفكاري لا يحتمل ثقلها، إلا أكتافي المنهكة
في صباحاتي المؤلمة
تكوي الشمس بأشعتها جسدي
وأقف أمام المرأة
محمل بأتعاب الأمس
يخبو سواد شعري كلما أمعنت النظر
وينمو القلق كخدوش بيضاء على وجهي
وأفكار تقودني للجنون
في شرودي ابحث عن من أنا؟
عن أي جدار يتحمل اتكائي
فأجد من حولي الا أحد
في طريقي، اتعثر بصمتي
حين أسال عن حالي
أعرج في ممرنا المشترك
استند على ظلي وبقايا أحاديثنا السابقة
على أريكتي الخضراء أجلس وحيدًا
تحوم من حولي الأفكار
ولا شيء أخر
ولا حتى صرير باب ولا زوار
تُنسى كأنك لم تكن شيئًا ليذكر
مهجور مثل بيت شعر يتيم لم يجد من يكمله
أنا وحولي كل الهواء الذي لا احتمل خفته
لا أسوء من الغرق في البؤس سوى سراب القارب
أن تستنفذ أنفاسك الأخيرة للنجدة
لا طوق نجاة يرمى لك، ولا يد تمد نحوك
أنت السراب كأنك لم تكن شيئا
ألملم أفكاري المتخمة، في كيس قماش ممزق
علّه يسرب شيئًا منها، فاستعيد بعض اتزاني
في ساعات الليل المتأخرة
الجميع نيام، عداي أنا وحارس العمارة
اركب سيارتي هائمًا في شوارع المدينة
لا وجهة أقصدها، ولا أحد، حتى أنت
كوب الشاي، نوافذ مفتوحة، وقائمة اغانٍ لا تنتهي
يداعب الهواء البارد رأسي، فتجمد الأفكار عن الهيجان قليلًا
وأخيرًا اخرج يدي لتحلق مع الريح، فقط حينها أشعر بأنني خفيف
أغمض عيناي وأنا أقود، أعد الدقائق في داخلي،
لا أحد في المحطة القادمة ينتظرني
اختار الدرب بعناية، فالشوارع خالية ولا زالت ساعات الصباح بعيدة
لن اسبب الزحام ان ارتطمت بعمود الانارة، فلا أحد حولي ولا يمر في هذا طريق غيري
فأنا الغبار من حولكم، لا يمكنكم إمساكي
وان تاهت الدروب يومًا وقادكم القدر نحو رفاتي
اسكبوا الشاي على قبري، واكتبوا على شاهدي (لا أحد) دفن هنا
اذكروني في المآذن الطويلة، في كراسي المقاهي الوحيدة
في القهوة المرّة و الصمت من بعد القصيدة
فانا في طي النسيان ، عالق في الخلود وبين السطور
تعليقات