لديكم رسالة بريد إلكتروني جديدة
السادة الكرام
نهديكم أطيب التحيات و الأمنيات بأنكم لا زلتم تذكروننا،
أما بعد،،،
و بالإشارة إلى الموضوع أعلاه، نفيدكم علمًا بأن الشوق بنا قد فاض، و العين يملؤها الدمع، وبأن الفؤاد بدونكم يتقطّع. لا المكان بنفس المكان و لا يسد فجوة غيابكم جبل. اكتب لكم هذا البريد الإلكتروني و صوت عبّادي الجريح في أذني يتردد: سكّة طويلة.. و (المكاتب) قفار.. والدار تشكي.. من جفى الزوّار.. والليل عتمة.. و الأماني قصار.. يا معين اللي عينه ما تنام.
هذا و قد أخبرتني مرّة بأن كتاباتي قد نالت استحسانكم، رفعتي لي توصية بأن لا أتوقف، اخبرتكم بأنك مخدوعة فيي، فكيف لكِ أن تقع في اعجاب شاعر لا يكتب شعرًا؟ فأين هرب كل الغزل؟
اليوم الموافق التاسع عشر، و الذي يلي اللقاء السنوي بثلاثة أعوام و ثلاث سنين، التاريخ الفارق الذي رسم خارطة طريق جديدة، اعادة هيكلة لحياتي، بعد أن قلب جمال عينيك عالمي رأسًا على عقب و بعثرتي لي أولوياتي، فصارت جميع محاضر اجتماعاتي موزونه على رمش عينيك، و قوافيي -في محاولة رخيصة- تحاكي لحن اسمك. ها أنا أعود لأكتب مجددًا. كما تعلمين سلفًا فأنا لا اكتب الا حزنًا.
قد نختلف - لكن كالعادة تفوزين انتي في النقاش و افوز في ضحكتك- عن لون عباءتك فأقول بأنها كانت بنية و تردين بغنج "غاضبة" بأنها كانت رمادية. لكن لنتفق بأنك منذ ذلك اليوم، منذ أن الصقت رقم 10 على صدري و كأنك نقشت اسمك على قلبي و أصحبت ملكًا لكِ، ٣ سنين منذ ان بدأ عمري.
أعود اليوم لمقر العمب لعد مضي عام، لأجدك قد رحلت، لم تستح لي فرصة لأودعك . اذكر جيدًا أخر يوم كنت فيه بجانبك، أخر مرة ركبنا فيها المصعد معًا أو حتى تشاركنا الطريق سويًا . اذكر أيضًا أخت مرة حملت فيها جهازي المحمول وصعدت لطابقك، كي أتنفس من هواءك، أحيا ، عباءاتك الملونة، وردة في حقل قمح . ضحتك العالية موسيقى في وجه الرياح العاتية. كنت فعلاً اذهب للعمل كأنني ذاهب لموعد غرامي بحق! و اليوم وحدي: ( على ذاك الطريق اللي سريته من ٣ سنين، تراودني الذكرى و علوم اتهجاها ، و يحرك هاجسي حس القصيد و أعزف التلحين و أعيش بجو ثاني و القوافي تطلب رضاها).
الآن لا يفز قلبي عند سماع الخطوات في ممراتنا القاحلة، خطواتك الناعمة كانت تمطر على روحي و تمسج على قلبي.
كمُخرج اعد كوب قهوة واحد فقط. لي و لي وحدي، لا أحد يعرف ما هي قهوة اليوم، و لم أعد اتباهى بأنواع حبوب البن الجديدة و والتي كنت احضرها فقط لاستشفّ ذوقك ، كوبي أمسى بارد و القهوة لا تُشارك. بالمناسبة خزانة الحلويات فارغة. مثل ما تركتني وحدي ، بدونك انا جسد فارغ. هل هي أنانية؟ اعني رحيلك في وقت لم أكن موجودًا فيه، أول هو حسن حظي. حماية لي من البوك أمام الجميع، رغم يقيني بأنني مفضوح أمام الجميع، متأكد من أن عيني الصغيرتين حين تختفي، أو غمازتيّ التي تقفز فرحًا على سطح خدي الممتلئ حين اشم عطرك اللطيف، أو المح طرف عباءتك الملونة.
بالمناسبة، انصحك بطلب السماعات الجديدة من قسم تقنية المعلومات، فهي تعمل عن بعد و لا حاجه لايصالها بجهاز الحاسوب مباشرة. ولا تسبب أي ازعاج لأذنيك الرقيقتين إن ارتديها لثماني ساعات متواصلة. فها أنا ارتديها فور وصولي لمكتبي الكئيب تجنبًا للحديث مع أي كان. لا زال كرسيك الأصفر خلف كرسيي، اضع عليه حقيبة غدائي و بعض من حاجياتي. لسبب واضح طبعًا ! كي لا يجلس عليه أحد غيرك. اغمض عيني و أكاد اقسم بأنني اشعر بيدك تمتد على كتفي الأيسر هامسةً : أنا هُنا.
قرأت مرة بأن الانسان يموت مرتين، مرّة حين يختفي جسده و مرّة حين يتم ذكر اسمه لأخر مرة.
-حفظك الله يا قرّة عيني- اتعمد في حديثي على ذكر قصة خارج السياق او استدل بمشروع لا علاقة له فقط كي انطق اسمك ، ليتردد في أروقتنا الوحيدة، كي لا يهرب من بين شفاهي فارًا مسرعًا حين أمادي أحدهم.
لا أريد ان اطيل عليك اكثر،
اشكر لكم حسن استماعك
و تفضلوا منيً بقبول فائق حزني و اشتياقي
محمد 187
تعليقات