في بيتنا القديم




أرجوحه ، شجرة اللوز ،  قفص ،  و قطّة 
إنتقلنا إلى منزلنا الجديد منذ مدة طويلة و لا ذكريات محفوره في مخيلتي فقد كنت طفلةً صغيرة ، شكرًا على نعمه الصور التي بها أعقد شريط الذكريات 
أرجوحه ضخمه بثلاثة مقاعد ، أحمر ، أصفر ، أزرق 
 لا كرسي لي ، كنت أتناوب على أحضان إخوتي الثلاثة متجاهلة أصوات إنزعاجهم  ..
شجرة اللوز العملاقة ، بثمارها اللذيذة ، كم كنت أحسد أخي على طول قامته فقد كان من السهل عليه  الحصول على أشهى الثمار، تلك التي في القمة ، حصّتي كانت الأصغر و دائمًا ما كنت أبكي ، و غالبًا ما تنجح الخدعة في الحصول على المزيد و المزيد و المزيد ، أذكر تلك النظرات التي يرمقونني بها ، فالثمار تتدحرج لي وحدي على طبق من ذهب ...  
في منزلنا القديم قفص حمام كبير كنت أرجوا والدي إدخالي القفص معه ، أرغب بالإمساك بالطيور و إحتضانها ، أن أضعها على كتفي و أتوسد ريشها الناعم " أمي كانت تملك وسادة من ريش النعام ، كنت أخاف منها لإعتقادي بأن داخل الوسادة يعيش صغار النعام " 
- هيّا بسرعة قبل أن تهرب الطيور 
قطع تخيلاتي نداء والدي ، اليوم سأمسك بيدي الصغيرتين كل الطيور و سأملئ جيوبي بالفراخ الصغيرة 
إنطلقت بخطواتي الصغيرة بحذائي مصدرًا صوته الرنان و حفّاظتي الوردية المملؤة ،  فغرت فاهي تحت شجرة التوت الضخمة و تلك العشرات من العصافير التي حلقت من فوقي ، تخيلتهم يهجمون علي ، تخيلت العصافير عرفوا سبب دخولي و سمعوا أفكاري ، سيهجمون علي و يضعوني في وسائدهم ... 
لا أذكر بأنني إقتربت من القفص بعدها  ، و إذا أرغمت على ذاك أصدر صوت مواء سخيف
رغم ذلك أذكر القطه الذهبية ، كان والدي دائما ما يطردها من المنزل و ينهانا عن إطعامها ، عدوه والدي اللدوده
صادقت القطة ، كانت أختي تتسلل إلى المطبخ قبل الغداء ، حاملة في صحن صغير قطعًا من الدجاج ، السمك أو ما لذ وطاب من طهي أمي ، تلك القطه المحظوظه يتسنى لها تذوق طعام أمي قبلي ،،،
كنت أقف خلف أختي و هي ترمي لها الطعام ، ممسكة بيدي و هامسه في أذني : لا تصدر أي صوت كي لا تهرب القطة ولا يسمعنا والدي ...
القطه صديقتي ، ستحميني إذا هجمت الطيور علي مرّة أخرى 
كنّا نزيين خزائنا بصور ، كانت خزانتي الوحيده التي تكسيها الصور في جهة واحده ، الأسفل فقط لم أكن أطال ، كنت أتنقل حول إخوتي مترجيًا أيًّا منهم أن يساعدني ، لم تعد خزانتي تسع أي صوره في الأسفل و لم يعد إخوتي يلبون رغباتي بسرعه ،،
كنّا ننام في غرفه واحدة لا أستطيع نسيان هذا ، كنت أُضرب بالوساد بعد مغادرة أمي الغرفة ، أمي أجمل من يروي القصص ، تحلق من سرير إلى سرير ، تزئر بصوت الشرير و تغني بصوت الأميرة ، كانت أجمل فترة في اليوم ، الأميرة النائمة ، ساندريلا ، ليلى و الذئب و الخراف الثلاثة .. جميعهم أصدقائي كنت أقلب صفحات قصصهم الملونه مع صوت والدتي ، أحرك شفاهي مقلّدًا أمي ، لا أجيد القراءة بعد و لو لا الصور لم أكن متيقنًا بطريقة إمساكي للكتاب .. كنّا نضحك مع ضحكاتها ، و نتدثر بالغطاء حينما تروي القصص المخيفة ، لا أستطيع أن أنام في الظلام ، إخوتي يكرهون النوم  وسط إنارة الغرفة ، ترحل أمي من الغرفة بعد أن تطبع القبل على جبيننا لتحمينا من الكوابيس .. أو شرير القصة ( الدودوه )
- أمي لا تطفئي الإنارة ، أرجوكِ 
فأضرب بالوسائد حالما يغلق الباب 
دائمًا مستعدة ..
جدّي كان يزونا كل عصر ، حاملًا معه الهدايا و القصص مثيرة ، لم يتغلب على قصص أمي إلّا هو ، كان يجلسني في حضنه ، يمسح على رأسي الصغيرة بيده الضخمه 
و يردد علي أهازيج و قصائده ، لا أذكر الكثير عنه لكن أعلم بأنّي أحب جدي ، لم يرفض لي طلبًا قط ، 
أريد الذهاب إلى الحديقة ،
أريد الكرة الحمراء 
و طائرة الورق على شكل نسر ،
قشّر لي البرتقالة 
و أريد أن أشاهد الرسوم المتحركة
كانت أمي تقضي فتره العصر مع إخوتي ، تساعدهم في دروسهم ، لم أفهم قط لم لا يستطيعون حلّها لوحدهم ، أريد أن تلعب أمي معي أنا و جدي ... حتى كبرت و تيقنت ،،
بيتنا القديم ، حيث شهد أول كلماتي ، خطواتي الأولى و ألم ظهور أول سن ..
بيتنا القديم ، حيث صادقت القطّة الذهبية و عاديت العصافير الملونه
بيتنا القديم حيث لا يشغل بالي سوى كيف سأهرب من ( الدودوه)
في بيتنا القديم لا زال جدّي حيًا ، و أمي تروي لي القصص ليلاً .

تعليقات

المشاركات الشائعة